سورة الروم - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9)}
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا} ببصائرهم وقلوبهم. {كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ} أي قلبوها للزراعة، لان أهل مكة لم يكونوا أهل حرث، قال الله تعالى: {تُثِيرُ الْأَرْضَ} [البقرة: 71]. {وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها} أي وعمروها أولئك أكثر مما عمروها هؤلاء فلم تنفعهم عمارتهم ولا طول مدتهم. {وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} أي بالمعجزات.
وقيل: بالأحكام فكفروا ولم يؤمنوا. {فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} بأن أهلكهم بغير ذنب ولا رسل ولا حجة. {وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} بالشرك والعصيان.


{ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (10)}
قوله تعالى: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى} السوأى فعلى من السوء تأنيث الأسوأ وهو الأقبح، كما أن الحسنى تأنيث الأحسن.
وقيل: يعني بها هاهنا النار، قاله ابن عباس. ومعنى {أَساؤُا} أشركوا، دل عليه {أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ}. {السُّواى}: اسم جهنم، كما أن الحسنى اسم الجنة. {أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ} أي لان كذبوا قاله الكسائي.
وقيل: بأن كذبوا. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {ثم كان عاقبة الذين} بالرفع اسم كان، وذكرت لان تأنيثها غير حقيقي. و{السُّواى} خبر كان. والباقون بالنصب على خبر كان. {السُّواى} بالرفع اسم كان. ويجوز أن يكون اسمها التكذيب، فيكون التقدير: ثم كان التكذيب عاقبة الذين أساءوا ويكون السوأى مصدرا لاساءوا، أو صفة لمحذوف، أي الخلة السوأى. وروي عن الأعمش أنه قرأ {ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء} برفع السوء. قال النحاس: السوء أشد الشر، والسوءى الفعلي منه. {أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ} قيل بمحمد والقرآن، قاله الكلبي. مقاتل: بالعذاب أن ينزل بهم. الضحاك: بمعجزات محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ}.


{اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (13)}
قرأ أبو عمرو وأبو بكر {يرجعون} بالياء. الباقون بالتاء. {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي {يبلس} بفتح اللام، والمعروف في اللغة: أبلس الرجل إذا سكت وانقطعت حجته، ولم يؤمل أن يكون له حجة. وقريب منه: تحير، كما قال العجاج:
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا *** قال نعم أعرفه وأبلسا
وقد زعم بعض النحويين أن إبليس مشتق من هذا، وأنه أبلس لأنه انقطعت حجته. النحاس: ولو كان كما قال لوجب أن ينصرف، وهو في القرآن غير منصرف. الزجاج: المبلس الساكت المنقطع في حجته، اليائس من أن يهتدي إليها. {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ} أي ما عبدوه من دون الله {شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ} قالوا ليسوا بآلهة فتبرءوا منها وتبرأت منهم، حسبما تقدم في غير موضع.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8